کد مطلب:352928 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:271

فیما یتعلق بالخالق جل جلاله
السؤال الأول: حول رؤیة الله سبحانه وتجسیمه:

یقول الله سبحانه فی كتابه العزیز: لا تدركه الأبصار [الأنعام: 103]. ولیس كمثله شئ [الشوری: 11] ویقول لموسی لما طلب رؤیته، لن ترانی [الأعراف: 143]. فكیف تقبلون بالأحادیث المرویة فی صحیح البخاری وصحیح مسلم بأن الله سبحانه یتجلی لخلقه ویرونه كما یرون القمر لیلة البدر [1] ، وأنه ینزل إلی سماء الدنیا

فی كل لیلة [2] ویضع قدمه فی النار فتمتلئ [3] وأنه یكشف عن ساقه لكی یعرفه

المؤمنون [4] وأنه یضحك ویتعجب، وإلی غیر ذلك من الروایات التی تجعل من الله

جسما متحركا ومتحولا، له یدان ورجلان وله أصابع خمسة یضع علی الأول منها السماوات وعلی الإصبع الثانی الأرضین، والشجر علی الإصبع الثالث وعلی الرابع یضع الماء



[ صفحه 26]



والثری ویضع بقیة الخلائق علی الإصبع الخامس [5] وله دار یسكن فیها ومحمد یستأذن

للدخول علیه فی داره ثلاث مرات [6] تعالی الله عن ذلك علوا كبیرا - سبحان ربك

رب العزة عما یصفون. والجواب علی هذا عند أئمة الهدی ومصابیح الدجی هو التنزیه الكامل لله سبحانه وتعالی عن المجانسة والمشاكلة والتصویر والتجسیم والتشبیه والتحدید. یقول الإمام علی علیه السلام فی ذلك: الحمد لله الذی لا یبلغ مدحته القائلون، ولا یحصی نعماءه العادون، ولا یؤدی حقه المجتهدون، الذی لا یدركه بعد الهمم، ولا یناله غوص الفطن، الذی لیس لصفته حد محدود ولا نعت موجود ولا وقت معدود ولا أجل ممدود فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إلیه، ومن أشار إلیه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال فیم فقد ضمنه، ومن قال علام فقد أخلی منه كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شئ لا بمقارنة وغیر كل شئ لا بمزایلة، فاعل لا بمعنی الحركات والآلة بصیر إذ لا منظور إلیه من خلقه [7] .

وإنی ألفت نظر الباحثین من الشباب المثقفین إلی الكنوز التی تركها الإمام علی علیه السلام والتی جمعت فی نهج البلاغة ذلك السفر القیم الذی لا یتقدمه إلا القرآن والذی بقی مع الأسف مجهولا لدی أغلبیة الناس نتیجة الإعلام والإرهاب والحصار المضروب من قبل الأمویین والعباسیین



[ صفحه 27]



علی كل ما یتصل بعلی بن أبی طالب. ولست مبالغا إذا قلت بأن فی نهج البلاغة كثیرا من العلوم والنصائح التی یحتاجها الناس علی مر العصور، وفی نهج البلاغة علم الأخلاق وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد وإشارات قیمة فی علم الفضاء والتكنولوجیا إضافة إلی الفلسفة والسلوك والسیاسة والحكمة. وقد أثبت ذلك شخصیا فی الأطروحة التی قدمتها إلی جامعة السربون والتی نوقشت علی مواضیع أربعة اخترتها من نهج البلاغة وحصلت من خلالها علی شهادة الدكتوراه. فیا لیت المسلمین یولون نهج البلاغة عنایة خاصة فیبحثون فیه كل الأطروحات وكل النظریات فهو بحر عمیق كلما غاص فیه الباحث استخرج منه اللؤلؤ والمرجان. تعلیق: هناك فرق واضح بین العقیدتین: عقیدة أهل السنة والجماعة التی تقول بالتجسیم وتجعل من الله سبحانه وتعالی جسما وشكلا یری وتصوره وكأنه إنسان فهو یمشی وینزل ویحوی جسمه دار إلی غیر ذلك من الأشیاء المنكرة، تعالی الله عن ذلك علوا كبیرا. وعقیدة الشیعة الذین ینزهون الله عن المشاكلة والمجانسة والتجسیم ویقولون باستحالة رؤیته فی الدنیا وفی الآخرة وأعتقد شخصیا بأن الروایات التی یحتج بها أهل السنة والجماعة كلها من دس الیهود فی زمن الصحابة لأن كعب الأحبار الیهودی الذی أسلم فی عهد عمر بن الخطاب هو الذی أدخل هذه المعتقدات التی یقول بها الیهود، عن طریق بعض البسطاء من الصحابة أمثال أبی هریرة ووهب بن منبه فأغلب هذه الروایات مرویة فی البخاری ومسلم عن أبی هریرة وقد تقدم فی بحث سابق كیف أن أبا هریرة



[ صفحه 28]



لا یفرق بین أحادیث النبی وأحادیث كعب الأحبار حتی ضربه عمر بن الخطاب ومنعه من الروایة فی قضیة خلق الله السماوات والأرض فی سبعة أیام. وما دام أهل السنة والجماعة یثقون فی البخاری ومسلم ویجعلون منهما أصح الكتب وما دام هؤلاء یعتمدون علی أبی هریرة حتی أصبح عمدة المحدثین وأصبح عند أهل السنة راویة الإسلام فلا یمكن والحال هذه أن یغیر أهل السنة والجماعة عقیدتهم إلا إذا تحرروا من التقلید الأعمی، ورجعوا إلی أئمة الهدی وعترة المصطفی وباب مدینة العلم الذی منه یؤتی. وهذه الدعوی لا تختص بالكبار والشیوخ ولكن الشباب المثقف من أهل السنة والجماعة كذلك ومن واجبه أن یتحرر من التقلید الأعمی ویتبع الحجة والدلیل والبرهان. السؤال الثانی: حول العدل الإلهی والجبر یقول الله سبحانه فی كتابه العزیز: وقل الحق من ربكم فمن شاء فلیؤمن ومن شاء فلیكفر [الكهف: 23]. لا إكراه فی الدین قد تبین الرشد من الغی [البقرة: 256]. فمن یعمل مثقال ذرة خیرا یره ومن یعمل مثقال ذرة شرا یره [الزلزلة: 8]. إنما أنت مذكر لست علیهم بمصیطر [الغاشیة: 22]. فكیف تقبلون بالأحادیث المرویة فی صحیح البخاری وصحیح مسلم بأن الله سبحانه قدر علی عباده أفعالهم قبل أن یخلقهم فقد روی البخاری فی صحیحه [8] قال: أحتج آدم وموسی فقال له موسی: یا

آدم أنت أبونا خیبتنا وأخرجتنا من الجنة. قال له آدم: یا موسی اصطفاك الله بكلامه وخط لك بیده أتلومنی علی أمر قدره الله علی قبل أن یخلقنی بأربعین سنة فحج آدم موسی ثلاثا



[ صفحه 29]



كما روی مسلم فی صحیحه [9] قال: إن أحدكم یجمع خلقه فی بطن أمه

أربعین یوما ثم یكون فی ذلك علقة مثل ذلك ثم یكون فی ذلك مضغة مثل ذلك ثم یرسل الملك فینفخ فیه الروح ویؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقی أو سعید فوالذی لا إله غیره إن أحدكم لیعمل بعمل أهل الجنة حتی ما یكون بینه وبینها إلا ذراع فیسبق علیه الكتاب فیعمل بعمل أهل النار فیدخلها، وأن أحكم لیعمل بعمل أهل النار حتی ما یكون بینه وبینها إلا ذراع فیسبق علیه الكتاب فیعمل بعمل أهل الجنة فیدخلها. كما روی مسلم فی صحیحه [10] عن عائشة أم المؤمنین قالت: دعی رسول الله صلی

الله علیه وآله وسلم إلی جنازة صبی من الأنصار فقلت یا رسول الله طوبی لهذا عصفور من عصافیر الجنة لم یعمل السوء ولم یدركه، قال: أو غیر ذلك یا عائشة إن الله خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم فی أصلاب آبائهم وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم فی أصلاب آبائهم. وروی البخاری فی صحیحه [11] قال رجل: یا رسول الله أیعرف أهل الجنة من أهل

النار؟ قال: نعم. قال: فلم یعمل العاملون؟ قال: كل یعمل لما خلق له أو لما یسیر له. سبحانك ربنا وبحمدك تباركت وتعالیت عن هذا الظلم علوا كبیرا - فكیف نصدق بهذه الأحادیث المناقضة لكتابك العزیز الذی قلت فیه وقولك الحق: إن الله لا یظلم الناس شیئا ولكن الناس أنفسهم یظلمون [یونس: 44]. إن الله لا یظلم مثقال ذرة [النساء: 40] ولا یظلم ربك أحدا [الكهف: 49]. وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم یظلمون [آل عمران: 117].



[ صفحه 30]



فما كان الله لیظلمهم ولكن كانوا أنفسهم یظلمون [التوبة: 70 - العنكبوت: 40 - الروم: 9] وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمین [الزخرف: 76]. ذلك بما قدمت أیدیكم وأن الله لیس بظلام للعبید [الأنفال: 51] من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعلیها وما ربك بظلام للعبید [فصلت: 46]. وكما قال فی حدیث قدسی یا عبادی إنی حرمت الظلم علی نفسی وجعلته بینكم محرما فلا تظالموا فكیف یصدق مسلم آمن بالله وبعدالته ورحمته أن الله سبحانه خلق الخلق وحكم علی بعضهم بالجنة وعلی الآخرین بالنار حسب اختیاره هو، وقدر لهم أعمالهم فكل میسر لما خلق له. علی حسب هذه الروایات المعارضة للقرآن الكریم، وللفطرة التی فطر الله الناس علیها، وللعقل والوجدان ولأبسط حقوق الإنسان؟ كیف نؤمن بهذا الدین یحجر العقول علی أن هذا الإنسان هو دمیة تحركها أیدی القدر كیف شاءت لتلقی بها بعد ذلك فی التنور - هذا الاعتقاد الذی یمنع العقول من الخلق والابتكار والإبداع والتطور والمنافسة التی تأتی بالأعاجیب ویبقی الإنسان جامدا راض بما هو فیه وبما عنده بدعوی أنه میسر لما خلق له. كیف نقبل هذه الروایات التی تصادم العقول السلیمة وتصور لنا بأن الله سبحانه هو خالق جبار قوی قاهر وله أن یخلق عباده الضعفاء لیزج بهم فی نار جهنم لا لشئ إلا لأنه یفعل ما یشاء، وهل یسمی العقلاء هذا الإله حكیما أو رحیما أو عادلا؟ كیف لو تحدثنا مع المثقفین والعلماء من غیر المسلمین وعرفوا بأن ربنا علی هذه الصفات وأن دیننا قد حكم علی الناس قبل ولاداتهم بالشقاء، فهل سیقبلون الإسلام ویدخلون فی دین الله أفواجا؟؟ سبحانك إن هذا زور من القول ركزه الأمویون وروجوا له لحاجة فی نفس یعقوب، والباحث یعرف سر ذلك. وهو زور من القول لأنه یعارض



[ صفحه 31]



كلامك، وحاش رسولك أن یتقول علیك بما یناقض وحیك الذی أوحیت إلیه. وقد ثبت أنه صلی الله علیه وآله وسلم قال: إذا جاءكم الحدیث عنی فاعرضوه علی كتاب الله فما وافق الكتاب فخذوه وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار. وكل هذه الأحادیث وأمثالها كثیرة تعارض كتاب الله وتعارض العقل فلیضرب بها عرض الجدار ولا یلتفت إلیها وإن كان أخرجها البخاری ومسلم فما كان معصومین عن الخطأ. ویكفینا دلیلا واحدا للرد علی هذا الادعاء الباطل، هو بعثة الأنبیاء والمرسلین من قبل الله إلی خلقه، وعلی طول التاریخ البشری لیصلحوا مفاسد العباد ویوضحوا لهم الصراط المستقیم ویعلموهم الكتاب والحكمة ویبشروهم بالجنة إن كانوا صالحین وینذروهم من عذاب الله فی النار إن كانوا مفسدین. ومن عدالة الله سبحانه فی خلقه ورحمته بهم أنه لا یعذب إلا من بعث إلیه رسولا وأقام علیه الحجة قال تعالی: من اهتدی فإنما یهتدی لنفسه ومن ضل فإنما یضل علیها ولا تزر وازرة وزر أخری وما كنا معذبین حتی نبعث رسولا [الإسراء: 15]. فإذا كانت هذه الروایات التی أخرجها البخاری ومسلم والتی تقول بأن الله كتب علی عباده أعمالهم قبل أن یخلقهم وحكم علی البعض منهم الجنة وعلی البعض بالنار، كما قدمنا سابقا وكما یؤمن بذلك أهل السنة والجماعة. أقول إن كان هذا صحیح، فإن إرسال الرسل وإنزال الكتب یصبح ضربا من العبث! - تعالی الله عن ذلك علوا كبیرا - وما قدروا الله حق قدره - فما یكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظیم. تلك آیات الله نتلوها علیك بالحق وما الله یرید ظلما للعالمین [آل عمران: 108]. والجواب علی هذا عند أئمة الهدی ومصابیح الدجی ومنار الأمة، هو تنزیه الله سبحانه عن الظلم والعبث.



[ صفحه 32]



فلنستمع إلی باب مدینة العلم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام وهو یشرح للناس هذا الاعتقاد الذی بقی لغزا عند بعض المسلمین الذین تركوا الباب یقول علیه السلام (لما سأله أحد أصحابه: أكان مسیرنا إلی الشام بقضاء من الله وقدره؟): ویحك لعلك ظننت قضاء لازما وقدرا حاتما، ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعید. إن الله سبحانه أمر عباده تخییرا، ونهاهم تحذیرا، وكلف یسیرا ولم یكلف عسیرا، وأعطی علی القلیل كثیرا، ولم یعص مغلوبا، ولم یطع مكرها، ولم یرسل الأنبیاء لعبا، ولم ینزل الكتب للعباد عبثا، ولا خلق السماوات والأرض وما بینهما باطلا، ذلك ظن الذین كفروا فویل للذین كفروا من النار [12] صدق الإمام علیه السلام فویل للذین ینسبون العبث والظلم لله من عذاب

ألیم. والجدیر بالذكر والحق یقال بأن أهل السنة والجماعة ینزهون الله عن العبث والظلم فإذا ما سألت أحدهم فسوف لن ینسب الظلم لجلال الله سبحانه، ولكنه سوف یجد نفسه متحرجا لرفض أحادیث أخرجها البخاری ومسلم ویعتقد ضمنیا أنها صحیحة، ولذلك تراه عندما تجادله بالمنطق المعقول، یدعی بأن ذلك لا یسمی ظلما عند الله إذ أنه الخالق، وللخالق أن یفعل فی مخلوقاته ما یشاء! فهو لا یسأل عما یفعل وهم یسألون وعندما تسأله: كیف یحكم الله علی عبد بالنار قبل خلقه لأنه كتب علیه الشقاء، ویحكم علی آخر بالجنة قبل خلقه لأنه كتب علیه السعادة؟ ألیس فی ذلك ظلم للاثنین؟ لأن الذی یدخل الجنة لا یدخلها بعمله وإنما باختیار الله له، وكذلك الذی یدخل النار لا یدخلها بما اقترفه من ذنوبه وإنما بما قدره الله علیه. ألیس فی ذلك ظلم، وهو یناقض القرآن؟ فسیجیبك بأن الله فعال لما یرید. فلا تفهم من موقفه المتناقض شیئا، وهذا بدیهی إذا أنه ینزل



[ صفحه 33]



البخاری ومسلم بمنزلة القرآن ویقول أصح الكتب بعد كتاب الله البخاری ومسلم. وفی البخاری ومسلم عجائب وغرائب ومصائب ابتلی بها المسلمون وقد نجح الأمویون ومن بعدهم العباسیون نجاحا كبیرا فی بث بدعهم وعقائدهم التی تتماشی وسیاستهم العقیمة وبقیت آثارهم حتی الیوم إذ یعتبرها المسلمون أعز وأعظم تراث لأنه جمع الأحادیث النبویة الصحیحة علی حد زعمهم ولو یعلم المسلمون مقدار ما كذبوا علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من أجل أغراضهم السیاسیة لما صدقوا بتلك الأحادیث وخصوصا منها المتناقض مع كتاب الله. ولأن القرآن الكریم تكفل الله بحفظه ولأنه كان محفوظا عند الصحابة وكانوا یعرضونه علی النبی لذلك لم یتمكنوا من تحریفه وتبدیله فعمدوا إلی السنة المطهرة فوضعوا ما شاؤوا لمن شاؤوا، وبما أنهم كانوا أعداءا لأهل البیت حفظة القرآن والسنة، اختلفوا لكل حادثة حدیث نسبوه للنبی صلی الله علیه وآله وسلم. وموهوا علی المسلمین بأن هذه الأحادیث هی أصح من غیرها فقبلها الناس علی حسن نیة وهم یتداولونها بالوراثة جیلا بعد جیل. وللإنصاف أقول بأن الشیعة هم الآخرون ضحیة الدس والتمویه فی كثیر من الأحادیث التی تنسب للرسول صلی الله علیه وآله وسلم أو لأحد الأئمة الأطهار سلام الله علیهم. فهذا الدس والتمویه لم یسلم منه المسلمون سنة وشیعة علی مر التاریخ ولكن الشیعة یمتازون علی أهل السنة والجماعة بثلاثة أشیاء میزتهم علی غیرهم من الفرق الإسلامیة الأخری وأبرزت عقائدهم سلیمة ومتفقة مع القرآن والسنة والعقل، وهذه الأشیاء الثلاثة هی: أولا: انقطاعهم لأهل البیت النبوی فهم لا یقدمونه علیهم أحدا وكلنا یعلم من هم أهل البیت الذین أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهیرا. ثانیا: عدد أئمة أهل البیت وهو اثنی عشر إماما امتدت حیاتهم



[ صفحه 34]



وآثارهم طوال ثلاثة قرون. وقد وافق بعضهم بعضا فی كل الأحكام والأحادیث ولم یختلفوا فی شئ مما جعل شیعتهم وأتباعهم متعلمین فی كل مجالات العلم والمعرفة بوضوح وبدون تناقض فی العقائد أو فی غیرها. ثالثا: اعترافهم وإقرارهم بأن ما لدیهم من الكتب یحتمل الخطأ والصواب ولیس عندهم كتاب صحیح إلا كتاب الله الذی لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه، ویكفیك أن تعرف مثلا أن أعظم كتاب عندهم وهو أصول الكافی یقولون بأن فیه آلاف الأحادیث المكذوبة، ولذلك تجد علماءهم ومجتهدیهم دائبین علی البحث والتنقیب فلا یأخذون منه إلا الثابت بالمتن والسند وما لا یتعارض مع القرآن والعقل. أما أهل السنة والجماعة فقد ألزموا أنفسهم بكتب سموها الصحاح الستة باعتبار أن كل ما فیها صحیح وأغلبهم یتناقلون هذا الرأی بالوراثة بدون بحث ولا تمحیص، وإلا فإن كثیرا من الأحادیث التی رویت فی هذه الكتب لا تقوم علی دلیل علمی وفیها الكفر الصریح وبما یتناقض والقرآن وأخلاق الرسول أفعاله والحط من كرامته ویكفی الباحث أن یقرأ كتاب الشیخ المصری محمود أبو ریة أضواء علی السنة المحمدیة لیعرف ما هی قیمة الصحاح الستة والحمد لله أن كثیرا من الشباب الباحث الیوم تحرر من تلك القیود وأصبح یفرق بین الغث والسمین، بل حتی الشیوخ المتعصبین للصحاح أصبح الكثیر منهم الیوم ینكرها لا لأنه ثبت لدیه ضعف بعض الأحادیث فیها ولكن لأنه وجد فیها حجة الشیعة التی یقولون بها سواء فی الأحكام الفقهیة أو فی العقائد الغیبیة، فما من حكم أو عقیدة یقول بها الشیعة إلا ولها وجود فعلی فی أحد الصحاح الست لدی أهل السنة والجماعة. وبالمقابل قال لی بعض المتعصبین ما دمتم تعتقدون بأن أحادیث



[ صفحه 35]



البخاری لیست صحیحة فلماذا تحتجون بها علینا؟ أجبت: لیس كل ما فی البخاری صحیح ولیس كل ما فیه مكذوب فالحق حق والباطل باطل وعلنیا أن نغربل ونصفی. قال: هل عندك مجهر خاص تعرف به الصحیح من المكذوب؟ قلت: لیس عندی أكثر مما عندك، ولكن ما اتفق علیه السنة والشیعة فهو صحیح لأنه ثبتت صحته عند الطرفین ونلزمهم به كما ألزموا أنفسهم. وما اختلفوا فیه حتی لو كان صحیحا عند أحدهم فلا یلزم الطرف الثانی بقبوله، كما لا یلزم الباحث الحیادی قبوله والاحتجاج به لأنه دوری. وأضرب لذلك مثلا واحدا حتی لا یبقی هناك إشكال فی هذا الموضوع وحتی لا یعاد نفس الانتقاد بأسالیب متعددة. - یدعی الشیعة بأن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم نصب علیا خلیفة للمسلمین فی غدیر خم یوم الثامن عشر من شهر ذی الحجة بعد حجة الوداع وقال بالمناسبة: من كنت مولاه فهذا علی مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فهذه الحادثة وهذا الحدیث نقله كثیر من علماء أهل السنة والجماعة فی صحاحهم ومسانیدهم وتواریخهم. فیمكن للشیعة عندئذ أن یحتجوا به علی أهل السنة والجماعة. - ویدعی أهل السنة والجماعة بأن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عین أبا بكر لیصلی بالناس فی مرض موته وقال بالمناسبة: ویأبی الله ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر. فهذه الحادثة وهذا الحدیث لا وجود له فی كتب الشیعة وإنما یروون بأن رسول الله بعث إلی علی، فبعثت عائشة إلی أبیها ولما عرف رسول الله ذلك قال لعائشة: إنكن لصویحبات یوسف وخرج هو لیصلی بالناس وزحزح أبا بكر.



[ صفحه 36]



فلا یمكن ولیس من الإنصاف أن یحتج أهل السنة والجماعة علی الشیعة بما انفردوا هم به وخصوصا إذا كانت الروایات متناقضة ویكذبها الواقع والتاریخ - لأن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عین أبا بكر لیكون ضمن جیش أسامة وتحت إمرته وقیادته ومن المعلوم أن أمیر الجیش فی السریة هو إمام الصلاة، وقد ثبت تاریخیا بأن أبا بكر لم یكن موجودا فی المدینة عند وفاة الرسول وكان بالسنح یتجهز للخروج مع أمیره وقائده أسامة بن زید الذی لم یبلغ من العمر إلا سبعة عشر عاما - فكیف والحال هذه یمكن لن أن نصدق بأن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عینه لإمامة الصلاة؟ اللهم إلا إذا صدقنا بقول عمر بن الخطاب بأن رسول الله یهجر ولا یدر ما یفعل ولا ما یقول، وهذا أمر لا سبیل إلیه فهو مستحیل ولا یقول به الشیعة. فعلی الباحث هنا أن یتقی الله فی بحثه ولا تأخذه العاطفة فیمیل عن الحق ویتبع الهوی فیضل عن سبیل الله، إنما واجبه أن یخضع للحق ولو كان الحق مع غیره، ویحرر نفسه من الرواسب والعواطف والأنانیة فیكون من الذین امتدحهم الله عز وجل فی قوله: فبشر عبادی الذین یستمعون القول فیتبعون أحسنه أولئك الذین هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب [الزمر: 18]. فلیس من المعقول إذا أن یقول الیهود إن الحق عندنا ویقول النصاری إن الحق عندنا ویقول المسلمون إن الحق عندنا وهم مختلفون فی العقائد والأحكام! فلا بد للباحث أن یمحص أقوال الدیانات الثلاثة ویقارن بعضها ببعض حتی یتبین له الحق. ولیس من المعقول أیضا أن یقول أهل السنة بأن الحق معهم ویقول الشیعة بل الحق عندهم وحدهم وهم یختلفون فی بعض المفاهیم والأحكام! فالحق واحد لا یتجزأ.



[ صفحه 37]



فلا بد للباحث أن یتجرد ویمحص أیضا أقوال الطرفین ویقارن بعضها ببعض ویحكم عقله حتی یتبین له الحق، وذلك هو نداء الله سبحانه لكل فرقة تدعی الحق، إذ یقول: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقین [البقرة: 111]. فلیست الأكثریة بدالة علی الحق: بل العكس هو الصحیح قال تعالی: وإن تطع أكثر من فی الأرض یضلوك عن سبیل الله [الأنعام: 116]. وقال أیضا: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنین [یوسف: 103]. مثلما أن المتقدم الحضاری والتكنولوجی والثراء لیس دلیلا علی أن الغرب علی حق والشرق علی باطل قال تعالی: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما یرید الله لیعذبهم بها فی الحیاة الدنیا وتزهق أنفسهم وهم كافرون [التوبة: 55].


[1] صحيح البخاري: 7 / 205. صحيح مسلم: 1 / 112.

[2] صحيح البخاري: 2 / 47.

[3] صحيح البخاري: 8 / 178 و 187.

[4] صحيح البخاري: 8 / 182. صحيح مسلم: 1 / 115.

[5] صحيح البخاري: 6 / 33.

[6] صحيح البخاري: 8 / 183. صحيح مسلم: 1 / 124.

[7] نهج البلاغة للإمام علي: شرح محمد عبدة ج 1 الخطبة الأولي.

[8] صحيح البخاري: 7 / 214 كتاب القدر باب تحاج آدم وموسي. صحيح مسلم: 8 / 49.

[9] صحيح مسلم: 8 / 44 كتاب القدر باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه. صحيح البخاري: 7 / 210.

[10] صحيح مسلم: 8 / 55 كتاب القدر باب كل مولود يولد علي الفطرة.

[11] صحيح البخاري: 7 / 210 كتاب القدر باب جف القلم علي علم الله.

[12] نهج البلاغة شرح محمد عبدة: 673 - 674 من الجزء الرابع.